أكد السيد الباجي قائد السبسي الوزير الأول في الحكومة المؤقتة في الحوار التلفزي المباشر من قصر الحكومة بالقصبة والذي بثته مساء الأربعاء القنوات التلفزية التونسية الثلاث (الوطنية وحنبعل ونسمة) أن الأولوية المطلقة في تونس اليوم هي (استتباب الأمن) الذي بانعدامه يتأثر الاستثمار والاقتصاد والسياحة. وقال إن التحسن المسجل حاليا على المستوى الأمني غير كاف، معربا عن الأمل في التوصل إلى حلول في هذا الشأن في القريب العاجل .
ولاحظ الوزير الأول أن الجدية مطلوبة في المرحلة الراهنة إذ (لا يمكن أن تتواصل الاحتجاجات والاعتصام والإضرابات إلى ما لا نهاية له) حتى وإن كان من وراءها على حق .
وأضاف قوله
هذه أمور ظرفية يجب تغييرها وسيتم اتخاذ موقف حازم في هذا الشأن)، مؤكدا أن التسيب مرفوض وأن الحكومة المؤقتة ستنظر في هذه المسائل بكل حنكة وتبصر ..
وبين أن الحكومة أعدت برامج ومشاريع لفائدة المناطق الداخلية والفئات سيتم الإعلان عنها قريبا، وأن أعضاء الحكومة سيتحولون للجهات للتعريف بمضامين هذه المشاريع .
كما أفاد أنه ستتم إعادة هيكلة ميزانية الدولة حتى توجه الاعتمادات أكثر نحو التنمية الجهوية، ملاحظا أن هذه الميزانية الجديدة التي سيعلن عنها في شهر ماي المقبل ستعطي الأولية للجهات الداخلية .
وأضاف أن الحكومة أقرت حوافز هامة تهدف إلى تشغيل حوالي 20 ألف عاطل عن العمل في القطاع العمومي ومثلهم في القطاع الخاص خلال 2011 مع إعطاء الأولوية لأصحاب الشهائد العليا .
وردا على سؤال حول الجدل القائم بخصوص تركيبة الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي، قال السيد الباجي قائد السبسي إن توسيع هذه التركيبة أمر طبيعي إذا كان ذلك سيساعد على السير في الطريق الصحيح، لكنه يصبح مرفوضا (إذا كانت غاية المطالبين بالتوسيع هي تعطيل هذا المشروع). وشدد على أن هذه الهيئة مستقلة وأنه لم ولن يتدخل في أعمالها .
وفي ما يتعلق بإمكانية تغيير موعد إجراء انتخاب المجلس الوطني التأسيسي، أكد الوزير الأول أن ما تم الاتفاق بشأنه سابقا (لا تراجع فيه) وأن تاريخ إجراء هذه الانتخابات (مقبول) وأن المصادقة على المجلة الانتخابية لن يتطلب وقتا طويلا، باعتبار أنه تم بعد الإعداد لمشروع هذه المجلة .
وتعقيبا على سؤال حول مساعي الحكومة المؤقتة لاسترجاع أموال الشعب المنهوبة جراء تجاوزات النظام السابق، ذكر الوزير الأول بأنه تم إصدار قانون لمصادرة أملاك وأموال الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وتكوين لجنة خاصة لتقصي الحقائق حول أموال تونس في الخارج، موضحا أن تحقيق هذا الأمر يتطلب جهدا كبيرا .
وأكد أن القضاء يقوم بعمله في كنف الاستقلالية التامة وأنه سيتم تتبع كل من أجرم في حق البلاد والعباد وكل من أساء لتونس ولسمعتها، مشيرا في هذا الإطار إلى التتبعات العدلية الجارية في حق عديد الأشخاص وفي مقدمتهم بن علي الذي قال إنه (قام بجرائم كبيرة) وشدد على أنه (لا نية للتغطية على هذه المسائل).
وبخصوص حل حزب التجمع الدستوري الديمقراطي، بين السيد الباجي قائد السبسي أن القضاء قال كلمته في هذه القضية وأن المسألة قد حسمت. وصرح بأنه لا يرى مانعا من منع المسؤولين في هذا الحزب من ممارسة الحياة السياسية لفترة معينة وذلك في إشارة إلى قيام بعض المسؤولين في التجمع الدستوري الديمقراطي بتكوين أحزاب جديدة أو الانضمام إلى أحزاب قائمة .
وردا على استفسار حول أسباب إقالة وزير الداخلية، قال رئيس الحكومة المؤقتة إنه لم تقع إقالة السيد فرحات الراجحي بل أجرى تعديلا وزاريا، مؤكدا أن هذا من صلاحياته كوزير أول. وأضاف في هذا الصدد
لا تثريب على الراجحي فقد قام بواجبه في فترة دقيقة وصعبة) إلا أنه لا يوجد (شخص صالح لكل زمان ومكان)
وعلى صعيد آخر أكد الوزير الأول أنه لا وجود لخلاف بين الجهازين الأمني والعسكري وأن اللجوء إلى عناصر الجيش الوطني يتم كلما دعت الحاجة إلى ذلك وهو ما حدث في الأزمات التي مرت بها البلاد في السابق،
وأشار إلى أن الانفلات الأمني الذي شهدته البلاد مباشرة مع انطلاق الثورة يعد أمرا طبيعيا، نظرا لأن الشعب كان يعيش طوال سنين في حالة من الكبت، موضحا أن الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية يجب أن تعود إلى طبيعتها.
وفي سياق حديثه عن الوضع الاقتصادي الحالي ولاسيما في ظل خسارة تونس لسوق كبرى هي ليبيا بسبب أزمتها الراهنة وهجرة أصحاب رؤوس الأموال وتعثر بعض المحاولات لإنقاذ الموسم السياحي، أفاد السيد الباجي قائد السبسي أن الحكومة أعدت برنامجا قريب المدى من شأنه طمأنة التونسيين، مؤكدا وجود مساع من بعض الدول الصديقة لمساعدة بلادنا في هذه الظروف، إلا أن تونس ترفض قبول أي اعتمادات ما لم تكن مرتبطة بمشاريع محددة تخدم مصلحتها.
وتعقيبا على استفسار أحد الصحفيين حول موقف تونس إزاء الأحداث في ليبيا، قال السيد الباجي قائد السبسي إن هذا الموقف يأخذ في الاعتبار مصالح تونس، موضحا أن من ثوابت السياسة الخارجية لبلادنا الاحتكام للشرعية الدولية وأن مجلس الأمن اتخذ قرارا ملزما لكل الدول الأعضاء بما فيها تونس. وأشار في هذا السياق إلى ضرورة أن يخرج الشعب الليبي من هذه الأزمة الخانقة.