حنبعل في حومتنا، متى تغادرها؟

أصرت قناة حنبعل في رمضان هذا العام على مواصلة طبخ طبقها الرديئ حنبعل في حومتنا والذي تميّز هذا العام بالتركيز على الرئيس السابق وزوجته وعائلته والقذافي وطلعاته، ولكن ما هي الطريقة التي تمت بها المعالجة الفنية لهذه السكتشات؟ وهل بلغت مستوى فنيا خليقا بفضائية تدعي أنها محل اهتمام من ملايين التونسيين؟
أرغمت نفسي على متابعة بعض الحلقات والتي والحق يقال كنت مرغما على الحفاظ على هدوئي لأتمكن من التركيز وتحمل تذمرات العائلة التي لا تطيق هذا البرنامج الثقيل حقا.
من المفروض أن يكون السكاتش حاملا لمهمتين أساسيتين أولهما الإضحاك وثانيهما النقد والإفادة وهذين المهمتين تتطلبان ذكاء فياضا لم نستدل له على أثر خلال متابعاتي.
يأتي لطفي بندقة محاولا تقليد المخلوع خاصة في أنفه في ديكور متواضع جدّا وضيّق يدلّ على ضعف الإنتاج ثمّ يقف ليخطب مكررا خطابات قديمة بأسلوب سمج ومباشر بينما يهتف له الكومبارس نفس الهتافات التي كانت تُهتف للرئيس السابق دون أي اجتهاد، دون أي لعب على المعاني والكلمات، دون تفجير للكلمات والمواقف مما يعطي صورة بائسة لماض بائس يجلد المشاهد في ذوقه وفي ذاكرته.
في حلقة قلّد فيها القذافي في خطابه الذي ألقاه فوق سور العزيزية جمع بندقة كومبارسه وألبسهم قمصان خضر وحملهم بأعلام من نفس اللون وجعلهم يهتفون بالضبط بنفس الهتافات التي تُهتف لليبي القذافي واجتهد أقصى جهده أن يلبس مثله ويقلد مشيته ومشطته ونفشته، وماذا فعل بعد كل هذا المجهود الجبار؟ أعاد نفس الكلام ونفس النظرات ونفس الوقائع، فهل بهذا النسخ الكربوني نروم إضحاك النّاس؟ كان على هذا المنشط أن يستغل ذلك الديكور والكومبارس والإطار العام الذي وضعه لتمرير رسالة ضامرة وفكهة ولكنها انسانية تتوجه إلى الإخوة الليبيين الموجودين في بلادنا بكثافة بتنطيق القذافي ما لا يمكن أن ينطقه، أن يجعله يبكي، يعتذر، يخاف، يتجاوز حدود المعقول لا أن يعيد استنساخه في نسخة مشوهة ومثيرة للشفقة، كما فعل أهل القونيول في قناة بلوس الفرنسية الذين أحضروا القذافي وسألوه عما يفعل في الجزائر فأجابهم هو المكان الوحيد الذي شهد هزيمة فرنسا ولا يمكنها تبعا لذلك أن تفكر للقدوم إليه. جملة بسيطة ولكنها أعطتنا الإضافة والفكاهة والتجاوز.
وكالعادة لم يفوت لطفي بندقة الفرصة ليحضر بحومته برنامج الشابي ليستغل طيبة الرجل منشط برنامج المسامح كريم ليحضر بشخصية المخلوع، وليتم الاستهزاء بفجاجة بأشخاص قيد البحث ويفوّت الفرصة مرة أخرى لتطوير الموقف الدرامي نحو كلام لم يٌقال ومواقف غير منتظرة، وبقي السؤال الخطير الذي سأله الشابي دون إجابة خيالية تسرح بينا بعيدا لتعطي للفكاهة ألقها الغائب، ولم يكتف بذلك بل دعا له ليلى وابنه غير الشرعي تحت صيحات ديقاج في ضحك كالبكاء.
من الواجب ملاحظته أيضا محاولة البرنامج تزييف بعض الحقائق وتشويه أغنية الراب المناضلة التي لم تكن يوما قط مادحة للمخلوع ونظامه ففي حلقة تتحدث عن قلبان الفيستة يخرج علينا بندقة في صورة مغني راب يسجل أغنية مدحية لبن علي وتخبره المنتجة وسط التسجيل بخلع بن علي فيبدل الأغنية إلى أغنية تتغنى بالنضال في حركة بعيدة عن الفكاهة بل وتحمل السم في الدسم لأننا نعلم مدى معاناة شباب الراب نتيجة أغنيتهم الرافضة وعدم انخراطهم في أجواق المطبلين ، فهل هكذا تتم تحيتهم؟
إنّ فنّ الإضحاك هو فنّ غير المتوقع، هو فنّ الغرابة وعلى الذي يشتغل عليه أن يسأل نفسه عن الغريب الذي أتى به وعن الإضافة التي قدّمها للمشاهد، واسأل هل فريق هذا البرنامج له وعي بما يفعل؟ ألم يلاحظ أنّ الفرق بين التهريج والفكاهة كالفرق بين الذكاء والسخف؟ ولا بدّ للمشتغل في هذا الفنّ أن يعرف أنّ هناك فرق بين إضحاك الناس والضحك عليهم

بالضحك وحده ينفرد بنو الانسان دون المخلوقات الاخرى ولكن اسبابه تختلف بأختلاف المجتمعات وتباين انساقها القيمية ، فقد يكون مااعتاد عليه اهل المدينة مضحكا في القرية والعكس بالعكس ،وكذلك الأمر بين الشعوب والدول ،وهذا ما يصادفنا عند متابعة بعض المشاهد(الكوميدية) فنّ الإضحاك من اصعب الفنون التي تتلاعب بمحيا المتلقين ، فمن السهولة بمكان ان تبكّيهم ولكن اية موهبة فائقة تجعلهم يذرفون الدمع ضحكا وقهقهة؟ لم ينجح حنبعل في حومتنا هده السنه لأن طريقه الكوميدي أصبحت ممله و ساذجه

برافو تا تا هذا رأي الأغلبية