ارادة الشعب والمجلس التأسيسي

نظمت شبكة تونس للحقوق والحريات والكرامة بالاشتراك مع المؤسسة العربية للديمقراطية وبالتعاون مع مهرجان القيروان الدولي ندوة حول " إرادة الشعب والمجلس التأسيسي"سهرة الخميس 18 أوت بحضور رؤساء أحزاب العمل الوطني الديمقراطي وحزب المجد وحزب المستقبل وحزب اليسار الاشتراكي وممثلين عن حركة النهضة والتحالف الوطني للسلم والنماء.
مهّد للندوة الأستاذ محسن مرزوق رئيس المؤسسة العربية للديمقراطية الذي أبرز أهمية بداية النقاش بين الأحزاب للتعرّف على رؤيتها لخارطة طريق الديمقراطية وتركيز المؤسسات المنتخبة طالبا من المشاركين الإجابة عن أسئلة الشارع الملحة حول انتظاراتهم من المجلس التأسيسي ومن الدستور ونظام الحكم.
محمد الكيلاني : لا يمكن التفاوض دون توضيح المواقف
أوّل المتدخلين هو السيد محمد الكيلاني رئيس حزب اليسار الاشتراكي الذي أكّد أنّ القضايا المطروحة الآن ستحدد مصير بلدنا لسنوات مبيّنا أنّ حزبه دعا إلى ضرورة وجود عقد جمهوري يؤطر العملية التأسيسية مشيرا إلى أنّ النقاش لم يبدأ بعد في مجتمعنا فلا أحد يعرف ماذا سيقدّم للآخر مؤكدا أنّ حزبه ويتقابل مع الحركة الإسلامية في نمط السلطة والمجتمع على الأقل فيما لدي حزبه من أراء سابقة فإلى الآن لم تُناقش آراءهم وأراء حزبه على الملأ.
وعن المجلس التأسيسي أشار أنّه سيصوّر لنا المؤسسات ويعالج لنا القضايا وأنّ النمط المجتمعي يجب أن يكون له علاقة بالحداثة. مؤكدا أنّ هذه الندوة محاولة في فتح الحوار لكشف ذوات الأحزاب أمام الرأي العام لمعرفة من سيختار وحتّى يعرف السياسي ماذا يريد المجتمع ولا ننزلق مرة أخرى إلى حكم فردي واستبدادي.
وعن النظام الذي يتوق إليه حزبه أكّد أنّه نظام معدّل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وذلك ضدّ الاستبداد وأنّ النقاش حول الهوية رجوع إلى الصفر وصدّ عن التقدّم فهي مسألة محسومة فلن نراجع هويتنا ومن يدعي أنّ اليساريين متنكرين لهويتنا أو دعاة إلحاد فهذا هراء منبها إلى أنّ حزبه متمسك بهوية شعبه التي عمرها ثلاثة آلاف عام وبلغته العربية وأنّ الإنسان حرّ في عقيدته ولا يُسأل عنها لأنّ ذلك طريق إلى الاستبداد.
وختم مداخلته بالدعوة إلى التمسك بالتوافقات الجوهرية فلا تحل المشاكل إلا بالنقاش والتوافق لا بالخمسين زائد واحد التي يمكن أن توصلنا إلى استبداد الأغلبية مما يوغل بنا في متاهات كبرى وهو أمر مخيف.
عبد الرزاق الهمامي :الجمهورية يجب ان تتواصل وتتطور نحو ما هو تقدّمي وايجابي
أكّد السيد عبد الرزاق الهمامي الناطق الرسمي لحزب العمل الوطني الديمقراطي أنّ الشعب التونسي هو صانع التاريخ وفرض إرادته التي كادت أن يُتلاعب بها حين أوشك المسار على الانحراف في أيّام الحكومة الأولى والثانية وفرض عدم المرور مباشرة إلى انتخابات برلمانية ورئاسية واستبدالها بانتخابات المجلس التأسيسي الذي سيصدر دستورا جديدا يُسقط المنظومة القديمة كاملة، وأشار أنّ هذا الشعب لا يريد أن يسنّ له المجلس الدستوري قوانينا ونظما ترجع به إلى الوراء فالجمهورية يجب ان تتواصل وتتطور نحو ما هو تقدمي وايجابي وأنّ المكاسب الحداثية والاجتماعية من أهمّ ميزات الدستور المطلوبة.
وعن الانتخابات أشار أنّها يجب أن تكون قوية ومهمة وأن التونسيين الذي علّموا العالم معنى النضال سيصنعون يوم 23 أكتوبر ملحمة أخرى. والأمن عليه أن يغيب عن المظاهرات ويكون حاضرا لحماية الأرزاق والضرب على ايدي المحتكرين والمفسدين، وانّ على المنظومة الإعلامية أن لا تتلوث بالمال السياسي.
وعن النظام الذي يحبذه حزب العمل الوطني الديمقراطي فيجب أن يكون وسطيا البرلمان له نفوذ وللرئيس صلاحيات غير مطلقة وأنّ هناك توافق أنّ أشغال المجلس التأسيسي لن تتعدى السنة.
وشدّد السيد عبد الرزاق الهمامي على أهمية وجود هيئات توافقية تتمثل في الهيئة العليا لحماية أهداف الثورة والهيئة المستقلة للانتخابات والحكومة لا يجب الخروج عنها للوصول بسلام إلى الانتخابات.
وعن الهوية أشار أنّ هناك توافق فيما هو عام والمتمثل في الانتماء العربي الإسلامي ولكن هناك احترازات من تحركات أطراف سياسية في هذا المجال واستعمالها هذا القاسم المشترك للدعاية لنفسها.
علي العريض: المجلس التأسيسي يأتي في سياق ثورة قام بها الشعب لا الأحزاب
السيد علي العريض رئيس الهيئة التأسيسية لحركة النهضة مهّد لمداخلته بأنّ الحديث عن إرادة الشعب الآن يدخل في باب المجاز الذي سيتحول إلى حقيقة يوم 23 أكتوبر.
وأكّد أنّ المجلس التأسيسي جاء كخيار بعد الترجّح لدى الجميع أنّ السابق لا يتمّ الإصلاح من داخله كمنظومة كاملة مما تتطلب عملية تأسيس جديدة.
وعن صلوحيات المجلس التأسيسي أشار أن له صلوحيات كبرى تتمثل في وضع دستور واختيار رئيس مؤقت وتعديل النصوص المنظمة للحياة السياسية ومعالجة قضايا الميزانية والتفاوت الجهوي وسيفضي بنا إلى انتخابات، وعبّر السيد علي العريض عن أمله أن لا تكون هذه المرحلة الانتقالية طويلة فالتخطيط على المدى المتوسط أو الطويل لا يكون ايجابيا إلا إذا كان هناك استقرار.
وأشار ممثل حركة النهضة أنّ المجلس يأتي في سياق ثورة قام بها شعب لا أحزاب وأنّ الخطر لا يتأتّى من الشعب فمحاولات الالتفاف لم تأت منه بل من مفاصل متنفذة بإعانة إدارة تنتمي إلى العهد السابق.
وأكّد السيد علي العريض أنّ المجلس التأسيسي لا يمكنه أن ينحرف فالشعب الذي قام بالثورة بالمرصاد لمن تخوّل له نفسه الانحراف. وعن مشكلة الهوية أجاب أنّ الشعب لم يطرحها ولكن هناك آخرون طرحوا ذلك مما استفزه، فقضايا الشعب اقتصادية واجتماعية وسياسية فلا استبداد تحت أية مسميات دينية أو علمية أو حداثية أو شرعية تاريخية، وان النظام السياسي المنشود هو نظام ديمقراطي وأنّ القضايا الهامة التي يجب أن يتناولها المجلس التأسيسي قضايا إصلاح المنظومة الأمنية والقضائية والبيروقراطية.
عبد الوهاب الهاني: تطوير ثقافة التوافق داخل المجتمع والقضاء على عقلية التخوين
أشار السيد عبد الوهاب الهاني رئيس حزب المجد إلى أنّ طبيعة مهام المجلس التأسيسي هي إحداث دستور يجسّد معاني الثورة بالتوافق أساسا لا بالتصويت وأنّ دوره الثاني هو ممارسة السلطة التشريعية والتنفيذية عوض شرعية الفراغ للحكومة الحالية.
وبيّن أنّ الخطر هو أن يقوم واضعو الدستور بتأسيس دستور يستجيب لهم هم لممارسة السلطة، وان المجتمع الآن في حاجة غلى شرعية ضامنة للانتقال الديمقراطي في وجود أيادي خفية تريد ضمان مصالح المستفيدين السابقين ومواصلة تمعشهم.
وأكد أننا في حاجة إلى وفاق ولكن مع الأسف هناك تناحر فالأحزاب تناحرت وتظاهرت ضدّ بعضها البعض بعد القصبة 3 فالعدوّ الحقيقي هي منظومة الفساد وهذا ما تفطّن إليه السياسيون أخيرا، وأنّ هيئة بن عاشور لا تمثّل إطارا للتوافق والوفاق فالمقترح هو بعث مجلس وطني يمثّل كلّ الأحزاب دون إقصاء، وأنّ روح التوافق لا بدّ أن تبدأ من الآن لكن علينا إيجاد إطار ينظمها ويمأسسها.
وعن الدستور أقترح السيد عبد الوهاب الهاني أنّه لا بدّ حين بداية النظر فيه ان نبدأ من الباب الثالث منه المنظم للحياة السياسية وتأجيل النظر إلى باب الهوية وباب الحقوق التي يكفلها الدستور والتي سيطول النقاش فيهما حتى تكون هناك شرعية فيتم النظر حال حصول الانتخابات في التقليص من صلوحيات رئيس الجمهورية وتطوير سلطات البرلمان وإدخال مبدأ الديمقراطية المحليّة ليمارسها الشعب عن طريق المجالس الجهوية والمحلية والبلديات وضمان مراقبة دستورية القوانين ، وإدخال روح الثورة عبر آلية " ارحل" التي تضمن إقالة رئيس الجمهورية إذا انحرف وتطوير ثقافة التوافق داخل المجتمع والقضاء على عقلية التخوين والعداوة والإقصاء.
الصحبي البصلي: من أعطانا الحق في وضع دستور جديد؟
مهّد السيد الصحبي البصلي رئيس حزب المستقبل في بداية كلمته بأنّ سقوط النظام تم بإرادة شعبية وليس بإرادة حزبيّة ولكن هل قال الشعب كلمته؟ فالشعب لن يقول كلمته إلاّ بالاقتراع أو الاستفتاء.
وأشار أنّ حزبه يسعى إلى القضاء على عقلية الحزب الواحد وأنّ بانوراما الأحزاب الموجودة تجعلنا في مأمن بإرادة الشعب من الرجوع إلى الوراء والتي بدأت بالحوار وتتحدث عن أفكارها التي تصبّ كلّها في مصلحة البلاد.
وعن الحكومة الانتقالية أشار أنّها هشّة وصعبة الاستجابة لطموحات الشعب التونسي الذي يحظى وثورته المدنية بسمعة طيبة استفادت منها الصورة التونسية في الخارج حيث أصبحت مثالا يُحتذى فرغم الهزّات التي مررنا بها فلم نتعرض إلى زلزال حقيقي كما يقع في بعض البلدان الأخرى.
وعن المجلس التأسيسي أجاب انّه مرحلة أساسية في تاريخ تونس لنقلع ولا يمكننا مقارنته بمجلس بورقيبة ولكن لا بدّ من استشارة الشعب التونسي هل يرغب في تنقيح الدستور أو تغييره أو حتى الإبقاء عليه كما هو وذلك بالاستفتاء فمن أعطانا حقّ وضع دستور جديد فالشعب هو من يجب أن يعطي رأيه للمرحلة القادمة.
وعن الهوية أشار أنّها لا تمثّل إشكالا بالنسبة إلى حزبه فلا بدّ من عدم المسّ بالفصل الأوّل أو إعادة النظر فيه، وأنّه من الضروري الآن الوقوف مع هذه الحكومة وإعانتها على المرور بنا إلى المرحلة القادمة.
ونفى السيد الصحبي البصلي انتماء حزبه لما يُسمّى بأحزاب التجمّع مشيرا انّه كوّن حزبه قبل 14 جانفي.

محمّد اللافي: يجب أن لا تكون الهوية فزّاعة أو وسيلة للاحتكار والتوظيف
أكّد السيد محمد اللافي عضو المكتب الوطني للتحالف الوطني للسلم والنماء أنّ الشعب التونسي ذكي وناضج فهو دائما يثبت انّه لا يصمت عن حقوقه وبرهن على ذلك في عديد المحطات التاريخية في 78 و84 و2011/ وحذّر اللافي من الثورة المضادة ومن علاقة الفخاخ بين النخب التي كرسها النظام السابق حيث كان يضرب اليمين باليسار والعكس بالعكس.
وعن المجلس التأسيسي أكد أنّه لا بدّ من وجود وفاق داخله فيتم وضع جدول أعمال منذ البداية وتوضيح الخطوط الكبرى.
وعن الهوية أكّد أنّه يجب أن لا تكون فزّاعة أو وسيلة للاحتكار والتوظيف.
متابعة عادل النقاطي