لقاء المثقفين مع المندوب الثقافي

التأمت بالقيروان عشية الجمعة 8 أفريل جلسة ضمّت عديد الوجوه الثقافية والجمعياتية لتدارس الوضع الثقافي بالجهة وبحث سبل التجاوز وطرق التنسيق والبرمجة والعمل الجمعياتي الثقافي والمهرجانات.
افتتح الجلسة السيد عبد الرحمان البعزاوي المندوب الجهوي الجديد للثقافة الذي رحب بالحاضرين وعبّر عن تفاؤله برؤية وجوه جديدة اختارت في الماضي مقاطعة الثقافة باعتبارها تسير في نهج الموالاة، في حين اختار آخرون النضال ولو بالرمز وعدم ترك الساحة للمشعوذين مستشهدا بعديد الأعمال الفنية من مسرح وأدب.
وأكد مندوب الثقافة أنّه باعتبار الثقافة شأنا وطنيا فلا بدّ من الحوار حوله والنظر في أدواته وآلياته مما يتماشى والحرية التي نعيشها الآن، واشار أنّ على المثقف الآن أن يلعب دوره في خوض ثورة ثقافية وتاثيث الفضاءات الثقافية ببرامج وأنشطة تقطع مع التسييس الثقافي، من ذلك التفكير في منع الأحزاب السياسية من احتكار الفضاءات الثقافية وحرمان الشباب والمثقفين منها.
وجاءت التدخلات متباينة ومتواصلة وقد أكّد الفنان التشكيلي نجيب عبان رئيس مهرجان ربيع الفنون الدولي على أنّ الثقافة ليست إلا تصورا لموقف يلامس البعد الإنساني والجمالي، وهو ما كان وما سيكون دائما، وأن المبدع له أدواته التي تمكنه من ايصال رسالته، وأن الفن الحقيقي يحمي صاحبه، وبالتالي فلا يمكن الحديث عن ثقافة ثورية، فكل إبداع ما هو إلا ثورة في حد ذاته.
ومن التدخلات التي انتظرها الحاضرون ما جاءت على لسان الروائي صلاح الدين بوجاه الذي قال أنّ المبدع يظلّ مبدعا مهما تغيرت الأنظمة، مستشهدا بأم كلثوم التي كانت مطربة الملك فاروق ولكنها أيضا كانت صوت عبد الناصر الثورة رغم تقوّل بعضهم أنّها انتهت.
كذلك ما جاء على لسان الشاعر حسين القهواجي الذي أكد أن الديكتاتورية لم تكن حاجزا أمام الحداثة وأمام الفكر المستنير وإلا لما رأينا هذا الكم من الكتب والكتاب والأفلام والمسرحيات واللوحات طوال عشريتين، وهذا ما صنعه الشعب ولم يصنعه الديكتاتور. كما أكد أن المبدعين قلّة قليلة وجب رعايتهم وتقديرهم، فالعملية الإبداعية ليست متاحة للجميع والثورة لن تأتي بمبدعين.
وأكد قيدوم نادي السينما طارق البراق على وجوب إعادة فتح ملف تظاهرة القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية التي شهدت عديد التجاوزات أهمها الافتتاح الذي أكل نصف الميزانية المقدرة بمليار مليم تمتع بها المقربون للوزارة في عمل بائس لم يرتق إلى تطلعات القيروانيين والتونسيين، مشيرا إلى أن هذه التظاهرة مرت دون أن يشعر بها أحد، وقد عرّج في حديثه على الصعوبات والإقصاء الذي عاناه هو ورفاقه لانتمائه إلى المعارضة، فأُقفلت أبواب المركب الثقافي في وجهه وأقصي منذ عشرين سنة .
وأكد بعض المتدخلين على وجوب تعدد الجلسات للنقاش حول الشأن الثقافي ومحاولة التغيير في الجوهر إداريا بالنظر في مختلف الهياكل وفي المسألة الإبداعية ذاتها والأنشطة الثقافية والجمعيات وأنّ الإمكانيات المادية والبشرية تتواشج لنظفر بثقافة بديلة مؤكدين على الخلل الكبير في التجهيزات والنقص الفادح في التقنيات بدور الثقافة بالقيروان مما يشكل عائقا كبيرا خصوصا أمام المسرحيين.
وقد تحدّث بعض الحاضرين عن التنمية الثقافية والإعلام وخاصة ضرورة بعث إذاعة جهوية تواكب التنمية بجميع أنواعها ، وإعادة الاعتبار للمهرجانات بالجهة خصوصا لربيع الفنون الذي فقد بهرجه وقوته وحث بعض المسرحيين على ضرورة الإسراع ببدء أعمال مركز الفنون الدرامية كما أكد آخرون على وجوب تدعيم المركب الثقافي بالقيروان بتقنيين ويد عاملة مختصة وتقنيات سمعية بصرية متطورة وعلى وجوب تشريك المبدعين في البرمجة والتصور بعد حل اللجان الثقافية المنصبة، ووجوب إعادة النظر في الجمعيات التي تمّت تسمية أعضائها وتسليطها على الرقاب الثقافية.
وجاء في ردود مندوب الثقافة أنّ هناك إرادة سياسية على وجوب السير على طريق البرمجة والتنشيط الثقافي بعد ركود طال، وأنّه لا بدّ من الثقة في التعامل مع الإدارة وخلق أرضية تعامل جديدة وترميم العلاقات بين المثقفين أنفسهم. وأنّ منهج التشاور مع المثقفين لا حياد عنه، معلنا عن حزمة من الأنشطة المتنوعة في الأيام القادمة.