رسالة الطفلة غفران

رسالة ليست ككل الرسائل تلك التي تلقاها مطلع الأسبوع وزير التربية حاتم بن سالم من تلميذة صغيرة خرجت في مضمونها وأسلوبها عن طبيعة المواضيع والمسائل المطروحة عادة والمألوف تداولها من أعلى هرم بالوزارة لتخاطب فيها غفران المرسّمة بالسنة الأولى ابتدائي بإحدى مدارس قفصة وجدان الوزير وتستجدي فيه عطف الأب المتفهم لمعنى أن تنمو وتكبر صبية الست سنوات مع شقيقها الأصغر بعيدا عن حضن أمها وقد غادرتها منذ 2008 للعمل ببنزرت وكانت حينها حاملا بأخيها ثم استقر بها المطاف بقابس فظلت محرومة من حنانها، مفتقدة لصوتها الدافئ وللذة حضورها بالبيت...

بعد أن باعدت مهمة التدريس مسافات بينهما ومزق الفراق أوصال العائلة التي حكم عليها بعاد الأم المعلمة بإحدى مدارس ولاية قابس والأب يدير مدرسة بالقطار من ولاية قفصة بتمزق الطفلين بين هذا وذلك فكان الملاذ الأخير لغفران مراسلة المسؤول الأول بوزارة التربية أملا في نقلة والدتها إلى حيث تقيم العائلة وإن تعذر ذلك تقريبها إلى أقرب منطقة متاخمة المهم أن تكون داخلة الولاية.

الرسالة وصلت الوزير الذي تفاعل معها وأوصى بالعمل على تلبية أمنية غفران عبر" إيجاد حل لهذه المعلمة كي تلتحق بزوجها" في رد فعل إنساني وتجاوب مع صرخة هذه البنيّة والمساعدة على لمّ شمل العائلة لاعتبارات إنسانية.

وعلى نبل هذه الحركة وتلقائية التفاعل من جانب الوزارة فإنّ التجاوب مع رسالة غفران قد يثير بعض التساؤلات حول كمّ الحالات الإنسانية التي تتطلع هي الأخرى إلى أن تركن نهائيا في ملف حالات النقل المستجابة لاعتبارات إنسانية وتحظى بالموافقة، كما أنّ توقيت تسوية هذه الوضعية يطرح إستفهاما حول توقيت التعاطي مع هكذا حالات خارج نطاق حركة النقل المعتادة؟ وقد تمكنت الصباح من الظفر ببعض المعطيات التي تفيد بتنزّل تفاعل الوزير مع حالة أم غفران في إطار بعدها الإنساني الصرف على خلفية أنها المرة الاولى التي يتلقى فيها مثل هذا المطلب الصادر على لسان بنية صغيرة وهوما يعكس الإصغاء لنداءات الطفولة والاستجابة لها بقدر المستطاع في مثل هذه الوضعيات. ويبدو أنّ تسوية هذه الوضعية تمت على أساس أيضا العمل بمبدإ الامتياز الذي يمنح لأحد الزوجين عند انتسابهما لسلك التعليم فتكون لهما الأولوية في التقريب بينهما في الحالات الاستثنائية الإنسانية على غرار هذه الحالة.على صعيد آخر فإنّ حركة النقل الاستثنائية بمرحلة التعليم الإبتدائي تظل متاحة أثناء السنة الدراسية لسد شغور الطارئ في حالات التقاعد أو المرض أو الالتحاق بخطة وظيفية أو عند إسناد عطلة لبعث مؤسسة وبالتالي فإن باب سد الشغور لايغلق نهائيا بانتهاء آجال الحركة.

المهم في هذه الحالة أنّ الطفلة ناشدت عودة أمها والوزير استجاب وسيتم إلحاقها بإحدى مدارس بلخير أو بإحدى تفقديات التعليم بقفصة لتكون قريبة من أسرتها وقد بلغ تفاعل الوزير مع رسالة غفران المؤثرة حد مهاتفتها وطمأنتها.

منية اليوسفي