journée avec OBAMA de Kairouan

جولة مع أوباما

لا تتساءلوا كثيرا فأوباما هو صديقي علي الفطناسي القيّم على رفع الفضلات المنزلية في حيّنا الجبلية والأحياء المجاورة
هو يعتز كثيرا بهذا التشبيه وأعتقد أن أوباما الحقيقي سيكون أسعد لو يعلم بوجود هذا الشبيه في مدينتنا والعمل الممتاز الذي يقوم به في مجال العناية بالبيئة والمحافظة على نظافة المحيط…
أوباما القيرواني عامل نشيط جدّا ويحب عمله تراه على دراجته النارية يتفقد المصبات العشوائية والحاويات الخضراء الجديدة يهاتف سواق الجرارات الذين أبطأوا في الوصول أو يلوم فيلق المنظفين الذين يشتغلون تحت أوامره إذا خلفوا وراءهم زبالة لم يرفعوها أو كناسة لم يجمعوها..
حدثني أوباما قال : الليلة الماضية عشت مغامرة حقيقية جراء الحاويات الخضراء إذ أن صاحب "كارو" سرق إثنتين منها قرب مقبرة سيدي عرفة فكانت مطاردة شاركت فيها الشرطة والتراتيب حيث تم استرجاع المسروق وأسر المعتدي وحجز الكارو والبغل.. ويضيف أوباما قائلا ما الذي سيفعله السارق بالحاويتين فهو لن يتمكن من بيعها؟ ويجيب إنها النزعة التخريبية الكامنة فيه وفي أمثاله الذين يتسلون بقصف مصابيح الإضاءة وإلقاء الفضلات وإفساد الحدائق والبول على الأسوار…
سألت أوباما عن آخر انجازاته .. حك رأسه وقال اتبعني فقلت إلى أين قال إلى مقبرة جورج.
مقبرة جورج هي مقبرة اليهود يمين الدائرة البلدية بالحجام قبل دار الماء وجورج هذا يهودي قيرواني أبا عن جد يقطن البيت الثاني يمين نزل سبلانديد يأتي كل عام من باريس إلى القيروان حيث يتفقد بيته ويهتم بالمقبرة اليهودية ويفرق الصدقات على الفقراء والمساكين.
أوباما كان عونا لجورج في تنظيف المقبرة والعناية بها فتم قلع الحشائش ورفع الفضلات و تعهد القبور بالإسمنت والحجارة.. يأتي جورج كل صباح يجلس إلى صديقه المولدي الحوّات في دكانه البسيط لبيع السمك يمسك كراس الحسابات الخاص بالمقبرة يذاكر معه ذكريات الصبا وقصص الولادة والموتي يضحكان من كارين حين ماتت أمها فجأة فناحت تقول" منين جاتك الموتْ يا أمي لحنينة ؟ كانْ من الطاقة نسكروها وكان من الشقّاقة نكسروها" أم كارين تسكن في هذه المقبرة رفقة أم جورج وأبيه وأخواله وأعمامه.
في آخر زيارة جورج اشتكى لصديقه المولدي ولأوباما من جار المقبرة الذي فتح نوافذه عليها ومن كسر القفل الذي جدده عديد المرات…
يقرر أوباما شراء قفل وسلسلة حديدية لا يستطيع الوندال زحزحتها وكسرها لكن جورج رحل منذ أمس فيتبرع له أصدقاء جورج المسلمون بقفل وسلسلة لحماية المقبرة اليهودية.
أوباما سعيد الآن فقد برّ بوعده لجورج وهو يخطط الأن للعناية بمقبرة كوستا المسيحية في الجهة الأخرى .

أوباما يمتطي صهوة موبيلاته الزرقاء وهو متحفّز للعمل

الموضوع جميل و الشيئ الأجمل هو طريقة كتابته الرائعة و رغم أني لا أعلم أي الأساليب البلاغية قد إستعمل السيد فارس فإحدى الجمل قد أعجبتني كثيرا ؛أوباما سعيد الآن فقد برّ بوعده لجورج، لم تعجبني فقط و إنما جعلني أتساءل عن أوباما الحقيقي؛ هل سيكون مثل جورج؟
عموما فإني أشكر أوباما القيرواني راجية من الله أن يتحول سكان القيروان إلي أوبامات و أن يحمل أوباما الأمريكي أهدافا نبيلة كالتي سعى إليها شبيهه القيرواني

اسمحوا لي بأن أتدخل في هذه المسألة - ديننا الحنيف يُعلمنا أن لليهود والمسيحيين الذين أقاموا أو يقيمون بين ظهرانينا حقوق باعتبارهم أهل ذمة (أي أنهم في حمايتنا ورعايتنا) أو باعتبارهم ضيوفا مؤقتين أو باعتبارهم مواطنين لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات كما أن ديانتنا الإسلامية تعلمنا احترام الموتى والأحياء على حد السواء وتحذرنا من مغبة الإساءة إليهم بأي شكل من الأشكال ولكن المفارقة الكبرى اليوم في القيروان (وغيرها من المناطق التونسية) تتمثل في الإستخفاف بحقوق الموتى وكرامتهم في مقابر المسلمين وعدم مراعاة حقوق الأحياء في أحيان كثيرة لذلك لا أستغرب المآل البشع وغير المقبول أصلا الذي آلت إليه مقبرة اليهود والمسيحيين في القيروان التي لم يبق من ثقافتها الإسلامية وآدابها الإسلامية وأخلاقها الإسلامية إلا اللافتات والمعلقات والشعارات ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم